ولكني أقول بمجرد الموت تقوم عليك هذه القيامة الصغرى ولا يفوتك من القيامة الكبرى شيء مما يخصك بل ما يخص غيرك فان بقاء الكواكب في حق غيرك ماذا ينفعك وقد انتثرت حواسك التي بها تنتفع بالنظر الى الكواكب والأعمى يستوى عنده الليل والنهار وكسوف الشمس وانجلاؤها لأنها قد كسفت في حقه دفعه واحدة وهو حصته منها فالانجلاء بعد ذلك حصة غيره ومن انشق رأسه فقد انشقت سماؤه إذ السماء عبارة عما يلي جهة الرأس فمن لا رأس له لا سماء له فمن أين ينفعه بقاء السماء لغيره فهذه هي القيامة الصغرى والخوف بعد أسفل والهول بعد مؤخر وذلك اذا جاءت الطامة الكبرى وارتفع الخصوص وبطلت السموات والارض ونسفت الجبال ونمت الأهوال واعلم أن هذه الصغرى وإن طولنا في وصفها فإنا لم نذكر عشير أوصافها وهي بالنسبة إلى القيامة الكبرى كالولادة الصغرى بالنسبة إلى الولادة الكبرى فإن للإنسان ولادتين إحداهما الخروج من الصلب والترائب إلى مستودع الأرحام فهو في الرحم في قرار مكين إلى قدر معلوم وله في سلوكه إلى الكمال منازل وأطوار من نطفة وعلقة ومضغة وغيرها إلى أن يخرج من مضيق الرحم إلى فضاء العالم فنسبة عموم القيامة الكبرى إلى خصوص القيامة الصغرى كنسبة سعة فضاء العالم الى سعة فضاء الرحم ونسبة سعة العالم الذي يقدم عليه العبد بالموت إلى سعة فضاء الدنيا كنسبة فضاء الدنيا أيضا إلى الرحم بل أوسع وأعظم فقس الآخره بالأولى فما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وما النشأة الثانية إلا على قياس النشأة الأولى بل أعداد النشآت ليست محصورة في اثنتين وإليه الإشارة بقوله تعالى وننشئكم فيما لا تعلمون فالمقر بالقيامتين مؤمن بعالم الغيب والشهادة وموقن بالملك والملكوت والمقر بالقيامة الصغرى دون الكبرى ناظر بالعين العوراء الى أحد العالمين وذلك هو الجهل والضلال والأقتداء بالأعور الدجال فما اعظم غفلتك يا مسكين وكلنا ذلك المسكين وبين يديك هذه الأهوال فإن كنت لا
تؤمن بالقيامة الكبرى بالجهل والضلال أفلا تكفيك دلالة القيامة الصغرى أو ما سمعت قول سيد الأنبياء كفى بالموت واعظا حديث كفى بالموت واعظا أخرجه البيهقى فى الشعب من حديث عائشة وفيه الربيع بن بدر ضعيف ورواه الطبرانى من حديث عقبة بن عامر وهو معروف من قول الفضيل بن عياض رواه البيهى فى الزهد او ما سمعت بكر به عليه السلام عند الموت حتى قال صلى الله عليه وسلم اللهم هون على محمد سكرات الموت حديث اللهم هون على محمد سكرات الموت أخرجه الترمذى وقال غريب والنسائى فى اليوم والليلة وابن ماجه من حديث عائشة بلفظ اللهم أعنى على سكرات الموت او ما تستحي من استبطائك هجوم الموت اقتداء برعاع الغافلين الذين لا ينظرون الا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون فيأتيهم المرض نذيرا من الموت فلا ينزجرون ويأتيهم الشيب رسولا منه فما يعتبرون فيا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزئون أفيظنون أنهم في الدنيا خالدون أو لم يروا كم اهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون أم يحسبون أن الموتى سافروا من عندهم فهم معدمون كلا وإن كل لما جميع لدينا محضرون ولكن ما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين وذلك لأنا جعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنونانما الحياة الدنيا لعب ولهو وان تؤمنوا وتتقو يؤتكم اجوركم ولا يسالكم اموالكم
تعليقات
إرسال تعليق