التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حكم تقبيل اليد



حكم تقبيل اليد 
كثر تساؤل الناس عن حكم تقبيل اليد، وخصوصاً في هذه الأيام التي كثر فيها اتباع الهوى والرأي، وضعف التحقيق العلمي السليم، لكن الذي يمحص الحقائق، ويرجع إلى الأحاديث الصحيحة، وآثار الصحابة الكرام، وأقوال الأئمة المحققين، يجد أن تقبيل يد العلماء والصالحين والأبوين جائز شرعاً، بل هو مظهر من مظاهر الآداب الإسلامية في احترام أهل الفضل والتقى، وإليك بعض النصوص الصريحة في ذلك:

1 - أما ما ورد من الأحاديث: فعن صفوان بن عسال، قال: (قال يهودي لصاحبه: قم بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألا عن تسع آيات بينات، فذكر الحديث... إلى قوله: فقبلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي الله). رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه، والنسائي وغيرهم.

وروى أبو داود عن أم أبان بنت الوازع بن زارع، عن جدها زارع وكان في وفد عبد القيس، قال: (فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجله). وكذلك رواه البيهقي كما في “السيرة الشامية”. وفيها: (ثم جاء منذر الأشج حتى أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلها، وهو سيد الوفد...).
وفي “شرح البخاري” للحافظ ابن حجر العسقلاني: (أن أبا لبابة، وكعب بن مالك، وصاحبيه، قبلوا يد النبي صلى الله عليه وسلم حين تاب الله عليهم) ج11/ص48.

2 - وأما ما ورد من الآثار : فقد أخرج الطبراني والبيهقي والحاكم عن الشعبي: (أن زيد بن ثابت صلى على جنازة فَقُرِّبتْ إليه بغلتهُ ليركبها فجاء عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فأخذ بركابه، فقال زيد بن ثابت: خلِّ عنها يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ابن عباس: هكذا أُمِرْنا أن نفعلَ بالعلماء والكبراء، فقبَّل زيد بن ثابت يد عبد الله وقال: هكذا أمِرنا أن نفعل بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم).

وأخرج البخاري في “الأدب المفرد” من رواية عبد الرحمن بن رزين قال: (أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفاً له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها فقبلناها). كذا في شرح البخاري لابن حجر العسقلاني ج11/ص48.
وعن ثابت: (أنه قبل يد أنس) وأخرج أيضاً: (أن علياً قبل يد العباس ورجله). وأخرج من طريق أبي مالك الأشجعي: (قلت لابن أبي أوفى: ناولني يدك التي بايعتَ بها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فناولَنيها، فقبلتُها). كذا في ابن حجر المذكور.
قال ابن كثير في تاريخه - البداية والنهاية - ج7/ص55، في فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد كلام...: ( فلما وصل عمر بن الخطاب إلى الشام تلقاه أبو عبيدة ورؤوس الأمراء، كخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان، فترجَّل أبو عبيدة وترجَّل عمر، فأشار أبو عبيدة ليقبل يد عمر، فهمَّ عمر بتقبيل رِجل أبي عبيدة فكف أبو عبيدة، فكف عمر).
وفي “غذاء الألباب شرح منظومة الآداب” للعلامة محمد السفاريني الحنبلي قال: (وفي الآداب الكبرى: وتباح المعانقة وتقبيل اليد والرأس تديّناً وتكرّماً واحتراماً مع أمن الشهوة) ج1/ص287.
وقال الحافظ ابن الجوزي في “مناقب أصحاب الحديث”: (ينبغي للطالب أن يبالغ في التواضع للعالم ويذل له، قال: ومن التواضع تقبيل يده. وَقبَّل سفيانُ بن عيينة والفضيلُ بن عياض أحدهما يد الحسين بن علي الجعفي، والآخر رِجْلَه). كذا في “شرح منظومة الآداب” للسفاريني ج1/ص287.
وقال أبو المعالي في “شرح الهداية”: (أما تقبيل يد العالم والكريم لرفده فجائز؛ وأما أن تُقَبَّلَ يده لغناه، فقد روي: “من تواضع لغني لغناه فقد ذهب ثلثا دينه”، وقد علمت أن الصحابة قَبَّلوا يد المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند قدومهم من غزوة مؤتة). كذا في المصدر السابق.

أقوال الأئمة الأربعة:
الحنفية:
قال العلامة ابن عابدين في حاشيته، عند كلام صاحب الدر المختار: (ولا بأس بتقبيل يد الرجل العالم والمتورع على سبيل التبرك، وقيل: سنة، قال الشرنبلالي: وعلمت أن مفاد الأحاديث سنيته أو ندبه كما أشار إليه العيني) “حاشية ابن عابدين” المشهورة. ج5/ص254. وفي حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، قال: (وفي غاية البيان عن الواقعات: تقبيل يد العالم أو السلطان العادل جائز. وورد في أحاديث ذكرها البدر العيني... ثم قال: فعُلِمَ من مجموع ما ذكرنا إباحة تقبيل اليد...). ص209.
المالكية:
قال الإمام مالك: (إن كانت - قُبلة يد الرجل - على وجه التكبر والتعظيم فمكروهة، وإن كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز). شرح البخاري لابن حجر العسقلاني ج11/ص48.
الشافعية:
قال الإمام النووي: (تقبيل يد الرجل لزهده، وصلاحه وعلمه، أو شرفه، أو نحو ذلك من الأمور الدينية؛ لا يكره بل يستحب، فإن كان لغناه، أو شوكته، أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة) كذا في شرح البخاري للعسقلاني ج11/ص48.
الحنبلية:
وفي “غذاء الألباب” شرح منظومة الآداب للعلامة السفاريني الحنبلي قال: (قال المرزوي: سألت أبا عبد الله - الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله عن قُبلة اليد، فقال: إن كان على طريق التدين فلا بأس، قَبَّلَ أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وإن كان على طريق الدنيا فلا). ج1/ص287.
وأحسن ما قيل في تقبيل اليد قول ابن شرف الحكيم:
كأنيَ إذ أوالي لثم راحته عجزت عن شكره حتى سددت فمي
وقال آخر في ذلك:
قبل يد الخِيَرَةِ أهل التقى ولا تخف طعن أعاديهم
ريحانة الرحمن عُبَّاده وشمها لثم أياديهم
تصوف لب الاسلام

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اكواد اسلامية html

اكواد اسلامية html اقدم لكم اخوتى فى الله أكوادا اسلامية مهمة جدا لمدونتك تجعلها جذابة        جعل الله ذلك فى ميزان حسناتك ********** طريقة وضع الكود فى مدونات قوقل (بلوجز) من اعلى الصفحة اضغط تصميم أختر اضافة أداة ثم أختر HTML/javascript ضع الكود فى المحتوى ثم اضغط على حفظ ***************    كود اناشيد اسلامية انسخ الكود التالي <center><iframe align="center" id="IW_frame_1438" src=" http://www.tvanashed.com/add/index.htm " frameborder="0" allowtransparency="1" scrolling="no" width="302" height="334"></iframe></center> كود القران الكريم <div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on"> <span class="Apple-style-span" style="color: #887766; font-family: Arial, sans-serif; font-size: small;"><span class="Apple-style-span" style="font-size: 12px;"><span class="Apple-style-span" style...

المبسوط كتاب في الفقه على المذهب الحنفي

  والمبسوط كتاب في الفقه على المذهب الحنفي ، استوعب فيه المؤلف جميع أبواب الفقه بأسلوب سهل ، وعبارة واضحة ، وبسط في الأحكام والأدلة والمناقشة ، مع المقارنة مع بقية المذاهب ، وخاصة المذهب الشافعي والإمام مالك ، وقد يذكر مذهب الإمام أحمد والظاهرية . وطريقة المبسوط أن يذكر المؤلف المسألة الفقهية ، ويبين حكمها على المذهب الحنفي ، ثم يستدل لها ، ثم يذكر آراء بعض المذاهب المخالفة ، ويشرح أدلتها ، ثم يناقش الأدلة ، ويرد عليها بما يراه الحق ، وقد يجمع بين أدلة الحنفية وأدلة المذاهب الأخرى المخالفين لهم جمعا حسنا ، يبعد التعارض . وهذا الكتاب شرح لكتاب " الكافي " للحاكم الشهيد محمد بن محمد المروزي ( 334هـ ) إمام الحنفية في وقته ، وقد جمع في " الكافي " كتب ظاهر الرواية للإمام محمد بن الحسن في فروع المذهب الحنفي . والمبسوط كتاب قيم ومفيد ، وهو أوسع الكتب المطبوعة في الفقه الحنفي ، والفقه المقارن ، ويعتمد عليه الحنفية في القضاء والفتوى ، وفي التدريس والتصنيف . وكان السرخسي قد ألفه كله أو جله إملاء من ذاكرته ، وهو سجين في بئر في أوزجند بفرغانه ، وقال في مقدمته : " فرأيت ال...